فريد الأطرش..نغم شرقي أصيل ما زال يسكن قلوب الملايين

من طرف **Tina** 31/5/2007, 8:22 am

حياته سلسلة من المآسي والمغامرات والحب الفاشل

* رياض السنباطي علّمه العزف علي العود.. وتبناه مدحت عصام ليكون عازفاً بالإذاعة المصرية
* عزف عن الزواج وكرس نفسه لفنه وموهبته
* أوصي بأن يدفن في مصر إلي جانب شقيقته اسمهان
* دعا أم كلثوم للرجوع إلي الاطلال والأغاني السنباطية
* طلال الأطرش: كان مغرماً بالغناء منذ صغره

دمشق الراية علاء الجمّال:

عندما يرحل العباقرة أجساداً يفككها التراب، يعيد التاريخ قراءة أعمالهم وما أورثوه للحياة وللأجيال المتعاقبة من إبداعاتهم الشعرية والخطابية والغنائية والروائية.. والموسيقار السوري الراحل فريد الأطرش أسطورة الفن العربي أحد أولئك العباقرة الذين خطوا لأنفسهم منهجاً خاصاً ومنحي مختلفاً في الأغنية العاطفية التي بات سيداً من أسيادها وفارساً من فرسانها. حققت الحفلات التي أقامها أرقاماً قياسية في شباك التذاكر وكان مطرباً متمسكاً بفنه الأصيل الذي دخل به قلوب النساء والرجال فأحبه الملايين بإحساسه المفعم بالعاطفة والأحلام.

النشأة والولادة

ولد فريد الأطرش عام 1915م في القريّة إحدي قري محافظة السويداء جنوب سوريا ، وكان أبوه قائمقام فيها فترعرع في الجبل بين القريّة والسويداء حيث كان يقطن الطرشان حتي عام 1924م، وكان عمره آنذاك تسع سنوات وانتقل بحكم وظيفته إلي حاصبيا في جنوب لبنان، فرافقته عائلته المؤلفة من زوجته علياء وأولاده فؤاد وفريد وآمال أسمهان .

حياة الموسيقار الحزين سلسلة من المآسي والأوجاع والحب والمغامرات. بدأ فريد الأطرش حياته الفنية عندما كان تلميذاً في مدرسة العزيز بالقاهرة فكان يغني في الإذاعات الأهلية ويترك دراسته حتي طرد من المدرسة قبل حصوله علي الشهادة الابتدائية بسبب حبه للفن فأدخلته والدته بعد ذلك مدرسة الروم الكاثوليك والتي تخرج منها ليلتحق عاملاً بلانشي بالموسكي بمرتب شهري وقدره 4 جنيهات، وكانت وظيفته توصيل الطلبات إلي المنازل بالدراجة، كما التحق بنادي الموسيقي الشرقي، ومن أساتذته رياض السنباطي الذي علمه العزف علي العود. وكان يسكن إلي جواره في ذلك الحين فريد غصن الملحن اللبناني الذي وضع له ولشقيقته الراحلة أسمهان ألحاناً غنياها في بدء حياتهما والتحق بعد ذلك بفرقة بديعة مصابني ، وأخذ يظهر في استعراضات الفرقة التي كان من بين أفرادها الموسيقار محمود الشريف ومحمد عبد المطلب والمرحوم محمد فوزي وإبراهيم حمودة الذي لحن بعض أغاني أم كلثوم.

وأعجب مدحت عاصم المدير الفني للإذاعة المصرية بعزف فريد عندما زار معهد الموسيقي العربية وتبناه ليكون عازفاً علي العود بالإذاعة المصرية مقابل جنيه واحد عن الإذاعة الواحدة، ومرة أخري يعجب بصوته فطلب منه الغناء وهكذا بدأت قصته مع أولي أغنياته بحب من غير أمل ، وأغنيته أفوت عليك بعد نص الليل و يا ريتني طير ، وكان فريد يغني في البداية بمصاحبة العود ثم بمصاحبة رباعي العقاد.

مرحلة الشهرة

طارت شهرة فريد عن طريق الإذاعة وظهرت مواهبه في التلحين إلي جانب الغناء فكان يلحن لأسمهان ومن بين ما غنت له نويت أداري آلامي ، رجعتلك يا حبيبي ، ولمع نجمه كمطرب لدرجة أن مجلة الصباح أقامت مسابقة لأحسن مطرب فكان عبد الوهاب الأول وفريد الثاني، وتحمس محمد عبد الوهاب لإظهار تلميذه محمد أمين ولحن له أول أغنياته، نور العيون ، يا شاغلني واصطحبه إلي أثينا لتسجيل بعض الاسطوانات ليضارب بها فريد، وجاء عهد السينما وتعاقدت معه شركة أفلام النيل علي بطولة فيلمها الأول انتصار الشباب عام 1941م، حيث كان نقطة تحول في حياته الموسيقية واشترك في تمثيلية بجانب البطلين أنور وجدي وروحية خالد وبعد مصرع شقيقته أسمهان راح يشق طريقه بمفرده، وسرعان ما تعاقد علي بطولة فيلمه الثالث شهر العسل التقي فيه للمرة الثانية مع مديحة يسري، بعد أن وقف أمامها في فيلم انتصار الشباب وكان محمد البكار عنصر الفكاهة في هذا الفيلم الذي أخرجه عبد السلام النابلسي، وبعد شهر العسل ظهر في فيلم ما قدرش أمام تحية كاريوكا. وفي عام 1946م مرت علي فريد أيام سوداء لدرجة أنه عجز عن دفع إيجار شقته بدار الهنا وكان مأمون الشناوي قد وضع له أغنية حبيب العمر فلحنها في الفترة التي عاني فيها من ألوان اليأس والبؤس. إلي أن تعاقدت معه إذاعة الشرق الأدني ولها 7 فروع في جميع البلاد العربية وبعد خلافه مع الإذاعة المصرية التي تطالب بمساواته في الأجر مع عبد الوهاب سجل لها أغنية حبيب العمر التي كانت سبباً في ارتفاعه وإقبال الدنيا عليه، ووحياً لقصة كانت باكورة أفلامه، وأدخل أصدقائه في رأسه وهو لا يملك شيئاً سوي صوته وألحانه. لكن فكرة إنتاج أفلام لحسابه بدأت تتسلل إلي ذهنه فأنشأ مكتب في مبني متواضع في شارع الشنكخانة ، وأعلن عن إنتاج فيلمه الأول الذي كان بعنوان حبيب العمر ، وقامت بدور البطولة إلي جانبه الراقصة ساميا جمال، وفجأة انهالت عليه عقود موزعي الأفلام في الأقطار العربية ليدفعوا له ثمن الفيلم مقدماً، فوجد لديه مبالغ كبيرة فدخل الأستوديو لينتج الأغنية التي صارت فيلماً وأصبحت فيما بعد ساميا الحبيبة والصديقة والقاسم المشترك في جميع أفلامه عفريته هانم، آخر كذبة، متقول لحد، تعال سلم .

وظهر فريد مع صباح في فيلم من إنتاجه بلبل أفندي ، كما ظهر مع نور الهدي في فيلمين من إنتاجه ما تقلش لحد، عايزة أتجوز ، وأنتج له استديو مصر لحن الخلود .. وتتالت أعماله بعد ذلك وفريد فنان عاطفي يعيش في الخيال أكثر مما يعيش في الواقع فقد لمس إعجاب ناريمان به كمطرب صاحب صوت رقيق وحنون، وعرف أنه نجمها المفضل الذي يحيي حفلاتها وأفراحها، وتحرص علي مشاهدة أفلامه التي يخاطبها فيها بأغنياته، وقد غني لها جميل جمال، نورا نورا .. ونورا اسم تصغير لناريمان، وكانت تذهب إليه إلي الأستوديو، ويأخذها بسيارته ليعيشا أجمل مغامرات اللقاء.. وكانت ناريمان بارعة في تمثيل دور المعجبة التي تريد أن تتسلي علي حساب فنان كبير بينما كان فريد يمثل دور العاشق الولهان حتي همست الشفاه بقصة حبهما فإذا بها حديث كل الناس.

النوبة القلبية

تلقي فريد عبارة قاسية سقطت علي قلبه كالصخرة فحطمته، وأصيب في اليوم التالي بنوبة قلبية راحت تهدد حياته بالخطر إلي درجة أنه انتشرت في إحدي المرات شائعة بوفاته، واتصلت الأخبار بساعة متأخرة من الليل ببيته بعد ظهور هذه الإشاعة، فإذا به يرد علي الصحيفة وينكر ما قيل، وهذا دليل علي أن قصة هذا الحب من طرف واحد أي فريد يقابله إعجاب من ناريمان، إعجاب من المطرب الذي يناجيها ويخاطبها بموسيقاه وأغانيه ويحيي أعياد ميلادها بعوده ويظل يغني لها حتي الفجر، أما هو فقد كان يفكر في زواجها ذلك الحديث الذي علق به علي ودها الجاف الذي أصابه في الصميم إصابة مادية ومعنوية.

علاقات فاشلة مع النساء

وإذا خرجنا من شقة فريد ودخلنا قلبه نكتشف حرارة العاطفة ومغامراته النسائية التي اشتهر بها، ونسمع في كل يوم مغامرة جديدة.. لكن وبالرغم من ذلك فإن عدد النساء المجهولات في حياته أكثر من المعروفات اللواتي كن حديث الناس والصحف وهو ليس ممن يوقعون الفريسة في شباكهم وينالون منها رغباتهم ومآربهم، وإن كان بحكم مهنته كمطرب يمتلك صوتاً جميلاً، ونجماً سينمائياً له جمهوره من المعجبين، وبالأخص المعجبات اللواتي يهمن به حباً، ويتهافتن عليه شأن كل نجم مرموق، إلا أن فريد لم يكن له حظ في الحب، وقد حقق انتصارات خيالية في حياته من مجد وشهرة وثروة وصيت.. إلا أنه حرم من سعادة القلب والانتصار في الحب، فجميع مغامراته الغرامية كانت تنتهي بالفشل المحقق بينما في أفلامه كلها مثل دور البطل العاشق الذي ينتصر حبه ويتزوج البطلة في نهاية كل فيلم.

حبه الأعمق كان لشادية

والعابر لسميرة أحمد

كانت تعمل سكرتيرة لإحدي الأميرات في السعودية، ثم عادة في إجازة قصيرة إلي لبنان، وكان فريد يومها ينزل في فندق البريستول، محاولاً أن يجد الراحة لقلب أضنته العلل وكلفها فؤاد صديق أسرتها في أن ترد علي التليفونات التي تطلب فريد حتي لا يرهقه طول الحديث وهكذا بدأت علاقته بدنيز جبور قبل 17 عاماً، وأمكنها بلباقتها وإخلاصها وتفانيها في خدمته أن تستلم دفة شؤونه كلها حتي غدت مديرة أعماله وكاتمة أسراره، والأولي دائماً في التواجد إلي جوار فراشه، وهو في الخارج وكانت تستأذن الأطباء في أن تبقي في حجرة العمليات مع كل جراحة.

اعتاد أن يغلق عينيه علي صورتها وأن يفتحها علي صورتها، ومن أجله أهملت حياتها الخاصة فألغت كل حب عدا حبه هو، وهو حب الأخت لأخ عزيز وبقيت إلي جواره حتي آخر لحظة وآخر دقة قلب وهكذا اكتسب حبها صفة الوفاء الأكبر.

الحب الأخير

كانت تقول لصديقتها في مدرسة الراهبات وجدائلها تهتز علي رأسها فرحاً: أنا أحب فريد الأطرش وهي نفسها أصبحت خطيبته بعد سلوي القدسي. كان حبها له خيالات مراهقة وتجسيداً لصورة فارس الأحلام بالنسبة لعذراء خجولة، وقد رفعها العمر إلي النضوج فتزوجت من الدكتور نور الدين القدسي الذي أصيب في القاهرة بنوبة قلبية قضت عليه. ووقف فريد بشهامة في الموقف الأليم فقد كان نور الدين صديقه المقرب فعمل علي نقله ورعي الأرملة الحزينة وبعد شهور اكتشف أن نظرته إلي سلوي تغيرت، وأن عاطفته الأخوية قد ذابت ليحل محلها الحب، وخطبها ليبعد عنها الألسنة السليطة ويجعلها خطيبة شرعية، ومنذ نقل الفنان الكبير إلي مستشفي الحايك بسن الفيل حتي غادره إلي جوار ربه وهي إلي جواره ساهرة حزينة باكية.

لن أتزوج وأنا فنان

ويقول فريد أنه لن يتزوج وهو فنان لأنه لا يستطيع إسعاد من سيتزوجها بسبب عمله المتواصل وعندما لمحت الملكة السابقة ناريمان له بأنها لن تكون زوجة لفنان ثار وقرر أن لا يتزوج وأن يحافظ علي فنه الذي يحبه أكثر من روحه وأحد المقربين له يقول إن فريد يخشي الزواج حتي لا يصبح لديه عقدة نفسية من كل ما هو امرأة.

الخيل في نواصيها الخير

وبعد فشل فريد في ميدان النساء والزواج ممن أعجبته وسحرته منهن قرر اعتزال الحياة إلا من سباق الخيل، حيث تترك الأعين هناك علي الخيول فقط وكان وراء اللاعبين فأصبح واحداً منهم.

فريد وعبد الوهاب

اتخذ فريد الأطرش عدة مواقف في حياته الفنية، وفي هذا الحديث يمدح عبدالوهاب، فيقول قلبه علي لسانه إذا تآلف معك، فهو منذ الدقيقة الأولي يقول لك كل شيء وبذلك فقط يملك قلبك، ويجعلك تشعر حين تقابله أنك تقابل قطعة حب تعيش علي الأرض، يبتسم لك ويعطيك كل وجوده، وفي دقائق تأنس وترتاح ، فهو لا يستطيع أن يأنس إلا في جو ألفة ومحبة.

قال محمد عبد الوهاب في فريد: لو أني أمتلك ريشة فريد ونبرة صوته وحنجرة وديع الصافي لكنت مطرباً عالمياً.

فريد وأم كلثوم

قال فريد: أنا أعتقد أن أحلي أغاني أم كلثوم هي الأغاني السنباطية، وأحلاها الأطلال، ولا مانع من أن أستمع إلي السيدة أم كلثوم في أي أغنية وأي لون.. وكان أملي أن تغني لي هذه الأغنية من قصيدة الأخطل الصغير في أول لقاء لي معها، لأن كلماتها وألحانها يتوافقان والظروف الحاضرة.

يقول مطلع الأغنية:

سائل العلياء عنا والزمانا

هل خفرنا ذمةً مذ عرفانا

المروءات التي عاشت فينا

لم تزل تجري سعيراً في دمانا

ويقول في هذا الصدد: وافقت كوكب الشرق علي كلماتها ولحنها قبل سفري إلي بيروت ووعدت بأن تغنيها، ولكني عندما رجعت فوجئت بست الكل تغير رأيها، وتقول إنها تفضل أن تغني لحناً عاطفياً، لتستطيع أن تقدمه في أكثر من حفلة لأن اللحن الوطني لا يقدم إلا مرة واحدة، والتقيت بها في بيروت وحاولت إقناعها بأن تغير ولو لمرة واحدة فقط إلا أنها رفضت ذلك.

ساعات الرحيل

في تمام الرابعة من بعد ظهر الخميس في 26 نوفمبر 1974م تسلل الموت إلي جناح الموسيقار فريد الأطرش في مستشفي الحايك بسن الفيل في بيروت عن عمر ناهز الستين عاماً، قضاها في الإنتاج الموسيقي المبدع الذي أسهم إسهاماً كبيراً في رفع مستوي الغناء والموسيقي الشرقية إلي مراتب رفيعة تجعل العرب يفاخرون بها أمام الشعوب الأخري. وكان قبل وفاته بشهرين في القاهرة يمثل آخر لقطات حياته في فيلم نغم في حياتي في إحدي فيلات شارع سليمان باشا مع المخرج هنري بركات، حيث فقد مصحفه الذهبي الهدية الغالية التي تلقاها منذ 25 سنة من سامية جمال، عربون حب ووفاء، وكان هذا المصحف ضمانته وصلاته التي تبعد الشر عنه، وعندما فقده قال أصبحت دون سلاح مقدس ، وبدت عليه علامات التشاؤم، وكان كلما اشتد به الألم وأحدق به الخطر أمسك بالمصحف وأغمض عينيه فيستمد منه القوة ويبعد عن نفسه المخاوف والشكوك.

الفن وتقاليد العائلة

يقول الأمير طلال الأطرش 70 عاماً عن أخيه فريد الأطرش:

نشأ أخي فريد نشأة الطفل المهذب والأنيق، ومنذ صغره كان كريم النفس، يلعب مع أترابه في ساحة الطرشان، وفي الأحيان يربح إذ يبكي الخاسرون يرق قلبه ويعيد إليهم ما خسروه، وكان في البيت مطيعاً، وقالت عنه النساء أنه سيصبح في المستقبل ذا شأن وتعود هذه النظرة لحسن هندامه وذكائه الفطري وهو مغرم بالغناء.

ويضيف الأمير طلال: في حاصبيا كان يجمع الشبان ويعطيهم أدواراً تمثيلية من تأليفه، وذات مواضيع وطنية، وإنما علي شكل محاورات غنائية، وكان يتبع الأحداث عندما يسمع بأنباء القتال بين القوات المستعمرة والرجال الوطنيين يؤلف التمثيليات السريعة ويعطي في نهايتها الحق للوطن.

ويقول الأمير عبد الله الأطرش 80 عاماً: عند انفصال الأمير فهد وعلياء المنذر، سافرت الأم مع أبنائها فؤاد وفريد وأسمهان إلي مصر وهناك بدأت رحلت فريد وأسمهان الفنية، فلمع اسم الأطرش من خلال الإذاعات والصحف.. مما خلق جواً مضطرباً واستهجاناً لدي العائلة المحافظة جداً علي التقاليد وبعد انطلاقهما فنياً ومسلكياً حسناً، إذ يخدمان الحضارة العربية ويسهمان في تقدم الوطن خصوصاً فريد بعد وفاة شقيقته، بقي محافظاً علي تقاليد أهله وعشيرته، باركت العائلة فنه ودعته إلي الجبل فحضر وصفت القلوب.

ويضيف الأمير عبد الله: كانت سمعت فريد الطيبة وكرمه صميم العادات العربية العريقة التي تتمسك بها عائلته سبباً ليس في تقدير عائلته فحسب بل الجبل بأسره.

أسبوع فريد في السويداء

بعد وفاة فريد بأسبوع أقام آل الأطرش احتفالاً تأبينياً في السويداء حسب تقاليد أهل الجبل، وحضرته جماهير غفيرة من مناطق الجبل وأبنه عدد من الشعراء والأدباء وتمني آل بيته لو دفن بالقرية بين أهله، ولكنه أوصي أن يدفن إلي جانب شقيقته أسمهان في مصر والوصية يجب أن تحترم. وقد ألقي المحامي ماجد الأطرش كلمة تأبينية رائعة استهلها بقوله:

سلاماً أمير الفن والسيف والندي

ونم في ظلال مصر جذلان هانياً

فذكرك فواح وفضلك ما نأي

وإن كنت عن أرض الأحبة نائياً

وقد أقيمت للفنان الكبير حفلات تأبينية في كل من بيروت ودمشق والقاهرة اشترك فيها كبار الفنانين من ممثلين وموسيقيين ومطربين تكريماً للعبقرية الفذة التي فقدها العرب، وترجمت أغنياته إلي اللغات الأجنبية وغنتها حناجر المطربين والمطربات الأجانب، وجعل من الموسيقي العربية موسيقي عالمية مع الاحتفاظ بأصالتها الشرقية. لقد خلّف الموسيقار فريد الأطرش عوضاً عن الأولاد فناً عربياً يقف إلي جانب الفن العالمي بل يفوقه في التعبير عزفاً وأداءً ويدرس هناك.